هناك من يعتقد بأن المصادر المائية تتميز عن غيرها من المصادر الطبيعية بكونها ثابتة من حيث كميتها على سطح الأرض، لكونها تتجدد باستمرار خلال مدة محددة من الزمن بفضل الدورة المائية على سطح الكرة الأرضية . وأدى ذلك إلى الاعتقاد بأنه يمكن استخدامها بشكل عشوائي وغير علمي، إلا أن ظهور الأزمات المائية في مناطق متعددة من العالم بفعل معدلات النمو السكاني العالية وتزايد استهلاك المياه أدى إلى الاستنتاج بأن تلك الموارد المائية هي موارد محدودة كغيرها من الموارد الطبيعية وأنها قابلة للإستنزاف .
إن مخزون المياه في العالم ثابت على مدى الزمن ويقدر بحوالي 1368 مليون كم مكعب، أما مخزون المياه العذبة فتقدر كميته بـ 35 مليون كم مكعب، أي أن 97.5% من المخزون العالمي هي مياه مالحة تتكون من البحار والمحيطات، أما ما يشكله مخزون المياه العذبة في الأرض والغلاف الجوي فهو جليداً دائماً ومياهاً جوفيةً متجددةً وأنهاراً. ومن خلال ذلك يظهر أن مخزون المياه العذبة على سطح الأرض كبير ولكن هناك نسبة 69% من هذا المخزون أي حوالي 24 مليون كم مكعب لايمكن استغلاله في الوقت الحالي بسبب كونه غطاء من الجليد الدائم في المناطق القطبية، وتشكل المياه الجوفية 30% من هذا المخزون بينما تشكل الأنهار والبحيرات العذبة 0.266% من المخزون العالمي. إن الموارد المائية موزعة بصورة غير متكافئة مكانياً بالنسبة لمعدلات الجريان السطحي بحدودها العظمى والصغرى، ففي جنوب شرق آسيا تصل إلى 4000 ملم/سنة وتنخفض في جنوب غرب آسيا ووسطها إلى 1 ملم/سنة، وتعد قارتا أستراليا وأفريقيا أكثر القارات جفافاً يستثنى منها حوض النيجر والكونغو والنيل الأعلى، وعلى الرغم من أن بعض مناطق العالم تمتاز بفائض مائي إلا أن معظم المناطق الأخرى تواجه عجزاً مائياً.
إن كثيراً من مصادر المياه أصبحت عرضة للتلوث وخصوصاً في المناطق الزراعية والصناعية، وتشير الدراسات إلى أن الإنسان في المستقبل سوف يلجأ إلى مياه البحر لسد حاجته من المياه. خاصةً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن مصادر تلوث المياه بالملوثات الكيمياوية والميكروبية متعددة ومتنوعة، فمنها مصادر زراعية كالمبازل المحملة بالمبيدات والأسمدة والأطيان والمواد العضوية واللاعضوية المنجرفة مع الماء أو السيول التي تصب في الأنهار ومخلفات حقول تربية الحيوانات التي تقذف بفضلاتها وبالحيوانات الميتة إلى المياه، وغالباً ما يندر وجود مياه لاتصل إليها الملوثات من هذه المصادر.
المصادر المائية في العراق:
تتألف المصادر المائية في العراق من ثلاثة مصادر أساسية هي (أ) المياه الجوفية (ب) مياه الأمطار (ج) مياه الأنهار والخزانات.
أ- المياه الجوفية:
تنتشر المياه الجوفية في عموم العراق إذ يقدر الاحتياطي المتجدد فيها بحوالي 3.5 مليار متر مكعب/سنة، منها حوالي 930 مليون متر مكعب في الصحراء الغربية. كما وتختلف مواصفات المياه الجوفية باختلاف نوعية الصخور الحاوية عليها وأعماقها، ولكنها بشكل عام مويلحة أو مالحة . إن المعلومات المتوفرة عن المياه الجوفية قليلة نسبياً لقلة الدراسات بسبب تكاليفها الباهضة .
ب- مياه الأمطار:
تتراوح معدلات سقوط الأمطار بين 50 ملم/سنة في الجنوب الغربي للصحراء الغربية إلى أكثر من 1200 ملم/سنة في المنطقة الجبلية شمال شرق العراق، ويقدر معدل الوارد المائي السنوي من الأمطار بحدود 100 مليار متر مكعب .
ج- مياه الأنهار والخزانات:
إن العراق مثل الوطن العربي يعانيان من ظروفٍ بيئيةٍ جافة، إلا أن نهري دجلة والفرات يعدان حالة شاذة والسبب في ذلك يرجع إلى كون هذين النهرين يستمدان مياههما من خارج حدود الوطن العربي من مناطق غزيرة الأمطار، حيث أن متوسط هطول الأمطار السنوي عند منابع النهرين في جنوب تركيا يزيد على 1000 ملم فضلاً عن تساقط الثلوج في مناطق السدود التخزينية المقامة في أعالي النهرين والتي تؤمن تصريفاً إضافياً خلال الصيف بعد ذوبان الثلوج في فصل الربيع وبداية الصيف. إضافةً إلى ذلك توجد في العراق العديد من البحيرات والخزانات التي لها أهمية كبيرة في خزن مياه نهري دجلة والفرات والاستفادة منها للأغراض المختلفة خلال موسم شحة المياه. وتشمل هذه البحيرات والخزانات خزان الثرثار والحبانية والرزازة وساوه ودوكان ودربندخان وغيرها.
تتميز المسطحات المائية الراكدة بخصائص تختلف كثيراً عن المياه الجارية (الأنهار والجداول)، وفي الواقع إن البحيرات الطبيعية والمسطحات المائية المتكونة أمام السدود الضخمة ليست راكدة بالمعنى المطلق وإن للماء فيها ديناميكية تتحكم فيها علاقات كثافة الماء بدلاً من جريان الماء بفعل جاذبيته كما هو الحال في الأنهار. وتعتمد هذه الخصائص على طبيعة المسطح المائي من حيث عمقه وحجمه وكمية المياه الداخلة عليه والخارجة منه إضافةً إلى الموقع الجغرافي الذي يحدد توزيع درجات الحرارة فيه.
والبحيرات ذات أنواع عديدة تصنف بحسب نشاطها الأحيائي (Biological activity) فمنها النشيطة ومنها المتوسطة النشاط والقليلة النشاط ويعتمد ذلك في الغالب على كمية المواد العضوية الواصلة إلى البحيرة ويتميز كل نوع من هذه الأنواع بخصائص معينة ومميزة كالعكورة Turbidity ومستوى الغازات المذابة وغيرها .
مصادر تلوث المياه:
إن أي جزء من أجزاء الدورة الهايدرولوجية يمكن أن يعتبر مصدراً للتلوث، إلا أن نشاطات الإنسان على سطح الأرض هي المصادر الأساسية للتلوث. حيث تتعدد المصادر التي يمكن أن تسبب تلوثاً في المياه والمجاري المائية، وتجعلها غير صالحة للإستخدامات البشرية المختلفة وتسبب أضراراً بالنظم البيئية. وتختلف مصادر الفضلات السائلة بإختلاف أوجه إستخدام المياه، وتتنوع بتنوع النشاط الزراعي والصناعي والتجاري، وإستعمال المياه في المنازل للغسيل والنظافة الشخصية وغيرها من أوجه الإستهلاك.
تتعرض المیاه في الطبیعة الى خطر ظهور المركبات الغریبة كالمبیدات، أو زیادة واحد أو أكثر من المكونات الطبیعیة كالأملاح عن حدودها الطبیعیة، بما یؤدي الى إحداث تأثيرات ضارة على الإنسان أو الأحیاء المائیة، أو تشویه المعالم الطبیعیة، هذا التعرض یمكن أن یكون على شكلین مختلفین إحداهما طبیعي والآخر تحت تأثیر الإنسان.
التلوث الطبیعي المنشأ (Natural Pollution): ویسمى أحیانا بالتلوث ذو المنشأ الأرضي أو الجیولوجي (Geogenic pollution) ، ویقصد به ظهور أو زیادة المكونات الطبیعیة في المیاه كالأملاح اللاعضویة بأنواعها والطمى والغرین والغازات الكبریتیة الذائبة والحرارة والإشعاع وما إلى ذلك، ولا یكون للإنسان شأناً في زیادتها بل تحدث نتیجة العوامل الطبیعیة كالأمطار الغزیرة والسیول وثورات البراكين في قعر البحار، وأغلب هذه الملوثات تكون غیر سامة عادةً رغم وجود تأثیرات ضارة مختلفة لها على الأحیاء المائیة، كما یكون التلوث الناتج ضمن قدرة الطبیعة على أن تتخلص منه في غالب الأحیان، ما عدا المواد المشعة وبعض الملوثات الطبیعیة الأخرى .
التلوث البشري المنشأ (Anthropogenic Pollution): وهي التغيرات الحاصلة في المیاه بسبب النشاط البشري سواء كان صناعياً أو زراعياً أو ضمن معیشة الإنسان في حیاته الیومیة العامة.
ويمكن تقسيم مصادر تلوث المياه من حيث تولدها إلى: نقطية وغير نقطية (منتشرة).
• مصدر نقطي Point Source: وهي نقاط التصریف للمیاه الملوثة بأنواعها المنزلیة والصناعیة وقنوات الري والبزل وما شاكل ذلك، والتي یمكن تأشیرها على الخارطة بنقطة محددة، مثل أنابييب تصريف المخلفات السائلة كالصرف الصحي والصرف الصناعي.
• مصدر غير نقطي Non-Point Source: وهي جمیع ما یؤدي إلى ظهور ملوثات غیر معلومة المنشأ أو المصدر، مثل سقوط المطر الحامضي والإنسياب السطحي من الأراضي الزراعية.

شكل تخطيطي يوضح تأثير مصادر المياه النقطية الملوثة على التنوع الأحيائي للكائنات
وقيم كل من BOD والأوكسجين المذاب
ویمكن تقسیم نوعیة المیاه في المصادر المائیة في العالم إلى خمس فئات رئیسیة وهي كما في الجدول التالي، وتحمل الأرقام (5 – 1)، وتتدرج من النوعیة الأعلى وفئتها تحمل الرقم (1) وهي میاه الینابیع والعیون الجبلیة الناتجة میاهها عن ذوبان الجلید والثلوج وتنتهي بالفئة (5) وهي أردئ النوعیات .

ملوثات المياه الرئيسية:
كما تناولنا سابقاً فإن أي تغير في خواص الماء من شأنها أن تجعله غير صالح للإستخدامات المعروفة أو لمعيشة الكائنات المائية يعد ملوثاً، وتمثل الملوثات التالية الملوثات الرئيسية للمياه:
1. مياه الصرف والفضلات الأخرى التي تتطلب الأوكسجين Oxygen Demanding Wastes.
2. العوامل المعدية Infection agents.
3. الكيمياويات العضوية المصنعة Synthetic Organic Chemicals.
4. المغذيات النباتية Plant nutrients.
5. الكيمياويات غير العضوية والمواد المعدنية Inorganic chemicals and mineral substances.
6. الترسبات Sediments.
7. المواد المشعة Radioactive substances.
8. التلوث الحراري Thermal pollution.