يُعد التصحر عملية هدم أو تدمير للطاقة الحيوية للأرض، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى ظروف تشبه ظروف الصحراء، وهو مظهر من التدهور الواسع للأنظمة البيئية، الذي يؤدي إلى تقلص الطاقة الحيوية للأرض المتمثلة في الإنتاج النباتي والحيواني ومن ثم التأثير في إعالة الوجود البشري.
أن العراق عانى في العقود الأخيرة من مشكلة التصحر، التي تعود إلى فعل الإنسان وعدم وجود سياسة رشيدة للحكومات العراقية المتعاقبة، وقد اخذت هذه المشكلة بالتفاقم في مطلع السبعينيات من القرن الماضي. ومن ثم تفاقمت بعد شح المياه وبروز ظاهرة جديدة وهي العواصف الترابية بعد حرب الكويت عام 1991 ، بسبب قطع الري عن الأراضي، والآليات العسكرية التي قامت بتكسير الطبقة الحامية للأراضي.
وقد اثر التغيير المناخي على المناطق الزراعية في العراق باتساع رقعة التصحر فيه، واضعاف التنمية الزراعية والقضاء على الثروة الحيوانية ، مما ادى الى تدهور النبات الطبيعي وانعدامه، الامر الذي انعكس سلبيا على الانسان والامن الغذائي للدولة .
عوامل نشوء التصحر في العراق:
1. ان90% من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجاف وشبه الجاف حيث يقع المناخ الصحراوي الحار والجاف في حدود منطقة السهل الرسوبي والهضبة الصحراوية الغربية ويمثل هذا المناخ حوالي 70 % من مساحة العراق الكلية.
2. ارتفاع درجات الحرارة في الصيف التي تصل احيانا الى أكثر من 50 درجة مئوية.
3. انخفاض نسبة تساقط الامطار، وتفاوت كمياتها بين 5 – 15 سم، متأثرة بنسبة التبخر العالية اذ تقل في اغلب مناطق العراق، ولا يتجاوز معدل الامطار في الجنوب 40 يوما وفي الشمال 70 يوما مع قلة الرطوبة التي تعد مهمة جدا في الدورة البيولوجية للتربة ونمو الاعشاب.
4. الرياح السائدة في العراق هي الرياح الشمالية الغربية الجافة والحارة وتعمل على نشر الغبار المحلي، وصيف حار جاف وطويل. وهذا العامل له دور مهم في حدوث التصحر في العراق.
المناطق التي تأثرت بشكلٍ كبير من التصحر كثيرة، لكنّ أبرزها تابع للرمادي بمحافظة الأنبار، صورة (1) والموصل والمحافظات الجنوبية مثل المثنى والوسطى، وأكثرها بابل، لكنّ الفيضانات الأخيرة والسيول ساعدت في تعويض الخسائر ونقص المياه
صورة (1) توضح جانب من مظاهر التصحر في العراق (الكثبان الرملية).

العوامل المسببة للتصحر في العراق:
يتعرض العراق إلى مشكلة تصحر خطيرة وقد تفاقمت هذه المشكلة بعـد عـام ١٩٩٢ علـى العراق والتـي تمثلـت بازدياد مسـاحات الأراضـي المتـأثرة بالملوحـة والتغـدق والتـدهور الكبير الـذي حصـل فـي الغطـاء النبـاتي وزيادة المسـاحات التـي تغطيها الكثبـان الرملیـة المتحركـة التـي جـاءت نتيجة تـدهور الأراضـي وحصـول التعرية الریحیـة .
وبما أن الإنسان هو المسؤول الأول عن التصحر فإن عمله يمكن أن يوقف التصحر. وإيقافه يتطلب أساساً استعادة التوازن بين الإنسان والأرض – بين حجم السكان والموارد المتوفرة والبيئة وذلك من خلال استعمال أفضل للموارد والذي يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط ويستعيد التوازن ، إذ أن نمو السكان يمثل العامل الرئيسي في معادلة السكان- الموارد- التنمية- البيئة. ويجب أن يؤخذ في الاعتبار هذا العامل عند التخطيط البعيد المدى للتنمية والسيطرة على التصحر ونواحِ ٍ أخرى من صيانة البيئة. إن أي جهود واقعية لإيقاف التصحر يفترض أن تأخذ بطريقة مندمجة مشاكل التنمية وتوفير الحاجيات الأساسية للسكان ، إذ تم التسليم منذ فترة طويلة بأن الفقر هو أحد الأخطار الرئيسية التي تهدد البيئة.
هنـاك مجموعـة مـن العوامـل المتداخلـة الطبيعية والبشرية والتـي سـاهمت فـي تفـاقم ظـاهرة التصـحر ویمكن تلخيصها بما یلي:
1. التعرية الریحیة والمائیة.
2. زحف الكثبان الرملیة.
3. التملح و التغدق.
4. سوء إدارة الإنسان للأرض والمياه و الموارد الطبيعية.
ويمكن أن نشخص مجموعتين من العوامل المتعلقة بحدوث ظاهرة التصحر في العراق وهما:
أولا: مجموعة العوامل الطبيعية .
ثانيا: مجموعة العوامل البشرية .
أولاً: العوامل الطبيعية: التي ساعدت على حدوث التصحر في العراق:
1. التغيرات المناخية والتغير في العناصر الجوية المتطرفة في العراق ومنها : درجات الحرارة وشدة الاشعاع الشمسي وتفاوته في أشهر فصول السنة وفي درجات الحرارة العظمى والصغرى وتفاوتها في الليل والنهار واختلاف طبوغرافية طبقة التربة في مناطق العراق المختلفة وكذلك سيادة الجفاف في الجو من خلال قلة الامطار. وتشير البيانات المناخية المتوفرة بأن العراق شهد ويشهد حالياً ارتفاعا في متوسطات درجات الحرارة الاعتيادية وفي متوسطات الحرارة العظمى منها والصغرى، فضلا عما شهده ويشهده من ظواهر طقسية ومناخية قاسية تتمثل في زيادة عدد وتكرار العواصف الغبارية والغبار المتصاعد والعالق، وكل ذلك اسهم ويسهم في بروز وتوسع مظاهر التصحر وتناقص وتدني وتلوث مصادر الغذاء وما يعكسه ذلك من تأثير مباشر على التصحر في العراق.
أ-أن حوالي ٩٠ %من مساحة العراق تقع ضمن منطقة المناخ الجافة وشبه الجافة حيث يقل معامـل الجفـاف عن المعامل الثابت بحوالي ٢٠ درجة.
ب-ارتفـاع درجـات الحـرارة فـي الصيف إلـى حـدود ٥٢ م مـع ارتفـاع نسـبة التبخـر وخاصـة فـي السـهل الرسـوبي لتصل إلى ٢٠٠٠-٣٠٠٠ مليمتر وكذلك ارتفاع عدد الأيام المشمسة وتصل فـي معـدلها السـنوي إلـى ٢٦٠ یوم سنويا.
ج-هبـوط نسـبة تسـاقط الأمطـار حیـث تقـل فـي اغلـب منـاطق العـراق عـن ١٥٠ملـم ولا يتجاوز معـدل الأمطـار الممطرة في الجنوب عن ٤٠یوم وفي الشمال عن ٧٠یوم إن قلة الرطوبـة والتـي تعتبـر مهمـة جـداً فـي الـدورة البایولوجیة للتربة ونمو الأعشاب و إعادة تكوین التربة كان عامل مهم في الإسراع من حدوث التصحر .
د -أن الرياح السائدة في العراق هي ریاح شمالية غربية جافة وحارة وتنشر الغبـار المحلـي یرافقهـا صـیف حـار جاف وطويل لها دور مهم في حدوث التصحر في العراق .
2. الخواص الطبوغرافية والطبيعة للتربة.
أن حوالي٦٠ %من ارض العراق هي عبارة عن الهضبة الغربية والجزيرة حیث تظهر فیهـا عوامـل التعرية واضـحة بسـبب الظـروف المـذكورة أعـلاه وان تـرب هـذه المنطقـة هـي تـرب جافـة ضـحلة وفقیـرة مثـل التـرب الكلسیة وترب السیروزم والترب الصخریة وتوجد فيها بعض الوديان التي تتعرض للغمر بالرمال . أما السهل الرسوبي فیشكل خمـس مسـاحة العـراق وتتعـرض هـذه المنطقـة الـى ظاهرتين تـدفعهما نحـو التصـحر الظـاهرة الأولى هو تعرضها إلى الرواسب الرملیة الخشنة القادمـة الیهـا مـن المنـاطق الرملية المجـاورة لهـا . والظـاهرة الثانية هـي ارتفـاع مسـتوى المياه الجوفية ومـن ثـم الـتملح بسـبب رداءه الصـرف وانخفـاض مسـتوى الأرض مسببة المستنقعات و الأهوار مما یسبب تدهور التربة وفقدانها لخواصها الإنتاجية. أمــا المنــاطق الشمالية فتظهــر فيها ظــاهرة التعرية المائية بســبب الانحــدار الشديد وارتفــاع معــدل الإمطار فيها والجريان السطحي.
3. التعریة بواسطة الرياح :
تتعرض٧٠% من أراضي العراق لمخاطر التعرية الریحیة وتسـبب فقـد للـدقائق الناعمـة الخصـبة للتربـة والتــي هـي أســاس خصـوبة التربــة تاركـة الــدقائق الخشـنة الرملیــة التــي تهـدد منــاطق مجـاورة بــالطمر وصــعوبة تعويض و إعادة تكوين الترب المفقودة ومن العوامل التي ساعدت على حدوث التعرية الريحية هي:
١ -ضعف إدارة الأرض والمياه.
٢ -وجود مناطق صحراوية تحوي على الرمال السهلة النقل بالرياح تحیط بالمناطق الزراعية .
٣ -قلة الغطاء النباتي .
٤ -الجفاف وتفكك التربة .
٥ -وجود الرياح الشديدة والجافة.
٦ -عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الظاهرة .
ان خطر التعرية الريحية يزداد ويهدد مساحات شاسعة من الأرض بالإضافة إلى صعوبة اتخاذ الإجـراءات للحد منها وضعف الإمكانات والوسائل العلمية في ذلك .
ويمكن تصنيف التعرية الريحية حسب شدتها إلى ما یلي :
١-التعرية بسبب العواصف الترابية وهي اخطر الأنواع، أذ تسبب فقد بضعة سنتيمترات من الطبقة السطحية للتربة خلال(١ – ٢) یوم وفقدان الغطاء النباتي.
٢ -التعرية الریحیـة المحلية وهـي تحـدث بشـكل تـدریجي ومسـتمر علـى فتـرات زمنية طويلة تفقـد التربـة بسـببها الدقائق المكونة للطبقـة السطحية الخصـبة ممـا یـؤدي إلـى تـدهورها المسـتمر وتركهـا ثـم تتحـول إلـى صـحراء رملیة وتصبح مصدر للرمال المتحركة والتي تطمر الأراضي المجاورة لها .
ویمكن تقدیر حجم هذه المشكلة إذ علمنا أن تواجد حوالي ٣ ملیون دونم من الرمال في العـراق منهـا ٦٠٠ ألـف دونم مغطاة بكثبان رملیـة فعالـة وقابلـة للحركـة وتهـدد باسـتمرار المـدن والمنـاطق الزراعية وعلـى مسـافات واسـعة عنها .
ثانياً-العوامل البشرية:
تعد العوامل البشرية احد العوامل المكملة للعوامل الطبيعية في زيادة توسع مظاهر التصحر وتأثيراته، وتأخذ هذه العوامل صورا متعددة منها ما يدخل في زيادة معدلات النمو السكاني حيث ان الزيادة الحاصلة في عدد السكان ونموهم في العالم تمثل مشكلة كبيرة من المشاكل المعاصرة والمؤثرة على ما يحدث من خلل في النظم البيئية،
1. القطع العشوائي للغابات:
ما زاد في التصحر خصوصاً في المنطقة الشمالية من العراق تعرض الغابات الى القطع الواسع الذي وصل الى غابات منفردة لأشجار البلوط في الأراضي الأكثر بعدا، والضغط الرعوي والحرق. مما زاد التعرية المائية واختفاء الطبقة الخصبة من التربة، واثر سلبا على طاقة خزن السدود وكفاءة الري وزيادة التكاليف. وقد اعتــاد الســكان المحليون فــي المنــاطق الجبلية علــى قطــع الأشــجار والشجيرات لاســتخدامها فــي بنــاء المساكن وصـنع المعـدات الزراعية وكوقـود للطـبخ والتدفئـة، وقـد ازداد الطلـب علـى الفحـم المحضـر مـن اخشـاب الغابات بسبب ازدياد السكان.
تراجعت مساحات الغابات شمال العراق التي كانت تغطي 1.8 % من المساحة الكلية، وكانت تغطي 1.851 مليون هكتار عام 1970 إلى 1.5 مليون هكتار عام 1978، وتراجعت النسبة الأولى إلى 1.1% وتبلغ المساحة المزالة سنويا 12 كم² والمعدل السنوي للإزالة 0.2% في الفترة 1990-2005،
2. حرائق الغابات.
تعتبـر حرائق الغابات عامـل مـدمر تحول دون تجددها وتكاثرها الطبيعي. منذ العام 2000 حرائق الغابات وقطع الاشجار غير القانوني اتت على ما يقارب من 2،5 مليون هكتار على الاقل من مساحة الغابات في شمال العراق وحده، وكل ذلك يمثل انخفاضا بنسبة 20% من مساحة الزراعة الخضراء هناك من العام 2014، أن نحو 20 ألف دونم من الغابات الطبيعية تعرضت إلى حرائق خلال عام 2009 في محافظة دهوك وان أسباب هذه الحرائق يرجع إلى إهمال المواطنين في إطفاء بقايا مواقدهم أثناء خروجهم في نزهة وإلى أعقاب السكائر وإطلاق النار العشوائي. كما ان الحرق المتعمد للغابات الحدودية مع ايران والعمليات العسكرية التركية على معسكرات لمسلحين معارضين قلصت مساحات واسعة من الغابات وحولتها الى رما وتعتبر هذه الغابات واحدة من بين أكبر الغابات البرية المتاخمة في اقليم كردستان الباقية لحد الآن في منطقة الشرق الاوسط، وهذه الغابات في شمالي العراق تعتبر كأداة امتصاص حيوية لاستيعاب المياه اثناء مواسم الفيضانات في فصل الشتاء وكذلك كمصدات طبيعية للعواصف الترابية .
3. تدهور المراعي: ادى الافـراط باسـتغلال المراعـي الطبیعیـة منـذ وقـت طويل الـى اسـتنزافها حیـث تـدهور الغطـاء النبـاتي الطبيعي فیهـا كمـا ونوعـا ، ووصـول هـذا التـدهور الـى مرحلـة خطيرة جـدا الأمـر الـذي أدى الـى اختفـاء معظـم الانــواع الجیــدة مــن النباتــات فــي اكثــر المواقــع وغزتهــا الانــواع الشــوكیة ذات الطبیعــة الصحراوية ، واصــبحت إمكانية اعادة الانواع النباتية المرغوبة غایة في الصعوبة سيما في الهضبة الغربية من العراق .
ومن أهم الممارسات الضارة التي ادت الى تدهور المراعي في العراق مایلي:
1-الرعي الجائر : الذي تجلى بالاستغلال المفرط لمـوارد المراعـي دون اهتمـام لمـا سـتؤول الیـه هـذه المـوارد مـن تدهور واستنزاف.
2-الرعي المبكر: الرعي قبل بلوغ النباتات السائدة في المرعى مرحلة من النمو لذلك تتأثر النباتات.
3-الرعي العشوائي : وذلك بممارسة الرعي في جميع اشهر السنة وبأعداد كبیـرة مـن الحيوانات ممـا یـؤدي الـى الاختفاء التدریجي لمعظم نباتات الغطاء الرعوي وبخاصة المرغوبة منها.
4- التحطيب : اصبحت هـذه الظـاهرة مـن الممارسـات الشـائعة فـي اغلـب منـاطق المراعـي الطبیعیـة ، وقـد بلغـت شدة التحطيب هذه في بعض الاماكن درجة من الاستنزاف، أذ ان اغلب الشجيرات الرعوية التي كانت تشكل المجموعات النباتیة السائدة في الماضي قد ازیلت تاركة التربة دون وقایة معرضة للانجراف المائي والریحي.
5- الزراعة الهامشية : وذلك باستغلال الكثير من الاراضي الواقعة في منطقة السهوب من بادية الجزيرة ، للزراعة بعد ازالة غطائها النباتي ، ولما كانت هذه الزراعة غیر مجدية اقتصاديا فـان الارض تهجـر ولكـن بعـد ان تكـون قد فقدت غطاءها النباتي الطبيعي وتعرضت لعوامل التصحر المختلفة.
6- الزراعة في الاراضي غیر مضمونة الامطار.
تتميز اراضي الزراعة البعلية (المطریة) في سـهول وسـهوب شـمال العـراق غالبا بطبيعة متموجـة وذات انحـدارات احیانـــا ، لـــذا فـــأن مثـــل هـــذه الاراضـــي تكـــون شديدة التـــأثر بأســـلوب الحراثـــة . ومـــن المنطـــق ان یتبـــع نظـــام الحراثة الكنتورية لضـمان صيانة التربـة مـن الانجـراف ، وفـي المواقـع الاكثـر انحـدارا والاكثـر تعرضـا للانجـراف بسبب السیول لابد من اقامة المصاطب او الزراعة الشريطية الا انه لایحدث شيء من هـذا الا فـي القلیـل النـادر من الحالات ، وتبقى الحراثة التقليدية باتجاه أعلى – اسفل المنحدر وبالعكس هي الشائعة ، وهذا ما یؤدي الـى الانجراف الشدید لطبقة التربة السطحية الغنیة بالعناصر الغذائية وحملها نحو المنخفضات والأودية والانهار.
7- الزراعة المروية في السهل الرسوبي: تنتشر الزراعة المرویة في السهل الرسوبي لوادي الرافـدین وفـي منـاطق اخـرى حـول الانهـار ، وبسـبب تشبع التربة بالماء واتباع طرق ري غیر منتظمة ، ومع غیاب نظام فعال للصرف فقد ارتفع منسوب الماء الارضـي وزيادة ملوحـة التربـة عند السـطح ممـا قلـل مـن إنتاجيتها ثـم هجرهـا وبالتـالي تصـحرها وقـد بینـت الدراسات التي اجریت مـا بـین ١٩٦٥ و ١٩٦٩ لمشـروع المسـیب ان حـوالي٦٦ % مـن التربـة فـي منطقـة 81 المشروع متأثرة بالملوحة وان ٥٠ % من هذه النسبة خفيفة الى عالية الملوحـة ٢٥،٤ cm/ms وان ١٦ % منها شديدة التأثر بالملوحة (اكثر من ٢٥ cm / ms ( ووجد ان الملوحة تتعلق بقوام التربـة والطبوغرافية ، فملوحـة التربـة خفيفة القـوام كانـت قلیلـة بالمقارنـة مـع التربـة ثقيلة القـوام ، وتبين ان ملوحة التربة تعكس ملوحة الماء الارضي بالكثافة والتركيب الكيميائي ، مع العلم ان نوعية الملوحة تختلف من منطقة الى اخراى ، وقد تبین ان وجود ماء ارضي عالي الملوحة قريبا من السـطح یشـكل خطـرا حقیقیـا على الزراعة الكثيفة المرویة بدون وجود نظام صرف مناسب.
وفـي دراســات اخــرى اجریـت عـام ١٩٧٢ علــى مسـاحة ١٥٠٠ هكتـار تقـع مـا بـین الكیلــومتر ٢٧ و الكیلومتر ٣٢ في الجزء الشمالي الغربي من منطقة المشروع ، وتمتد بین قناة الري الرئيسية وقناة الصرف ، تبین ان ٥،٦٥ % من التربة المدروسة كانت متوسطة الى عالية الملوحة وفي كامل منطقـة المشـروع ، فان تسرب المياه مـن قنـوات الـري وارتفـاع المـاء الارضـي سـبب مشـاكل كبیـرة نتيجة تملـح التربـة المجـاورة لهـذه القنـوات ، ونـتج عـن ذلـك تربـة شديدة الـتملح بعـد فتـرة قصيرة ، ویمكـن تلخيص اسـباب الـتملح فـي العراق بما یلي:
١ -المياه الأرضية قريبة من السطح في السهل الرسوبي بشكل عام وحاوية على نسبة عالية من الاملاح.
٢ -غیاب الصرف الطبيعي وعدم كفاءة المصارف الحقلية.
٣ -میاه الري التي تحتوي على نسبة لا بأس بها من الاملاح .
كل هذه الاسباب وللفترة الطويلة التي كانت تمارس بها الفعاليات الزراعية في اراضي وادي الرافدين ، ادت الــى تــراكم نســب عالية مــن الامــلاح وعلــى الاخــص فــي الطبقــة السطحية مــن التربــة وادت الــى اخــراج مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية الخصبة من نطاق الانتاج الزراعي.
6- التوسع الحضري:
تواكبت زيادة عدد السكان في العراق مع زيادة رقعـة الاراضـي المخصصـة للتوسـع الحضـري وجـاء ذلـك علـى حسـاب الاراضـي الزراعية الجيدة التـي كانـت تنـتج الحاصـلات الزراعية او المغطيات بالنباتـات الطبيعية ولاشـك ان ازالـة الغطاء النبـاتي مـن تلـك المسـاحات الكبيرة بخفض مـن مجمـل الانتـاج الزراعـي ویسـبب ضـغطا كبيرا على استغلال الاراضي ویخل بالتوازن البيئي.
7-الحروب والعمليات العسكرية: كثــرة الحــروب والعمليات العسكرية منذ الحرب العراقية الايرانية والى الان ســببت تــدهور الكثير مــن البيئات الطبيعية وتدمير الغطاء النباتي وتعرض التربة الى عمليات التخريب وتحطيم النسجة ومن ثـم ادى ذلـك الى انجرافها وتدهورها .
رغم إدراك خطورة التصحر، إلا أن وسائل مكافحته لم ترق بعد إلى مستوى التهديد الذي يمثله على شتى الأصعدة البيئية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية والسياسية والأمنية. لذا بات من الضروري إعطائه مكان الصدارة في خطط التنمية. وتتطلب مكافحته وضع خطط تتضمن أهدافا مباشرة تتمثل في وقف تقدمه واستصلاح الأراضي المتصحرة وأخرى تشمل إحياء خصوبة التربة وصيانتها في المناطق المعرضة للتصحر. ويتطلب الأمر تقويم ومراجعة الخطط باستمرار لتلافي ما هو غير صالح ونظرة بعيدة المدى وإدارة رشيدة لموارد البيئة على جميع المستويات وتعاون إقليمي ودولي مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود حلول سريعة لهذه المشكلة. وتزداد أهمية ذلك إذا ما عرفنا أن 33.4% من سكان العراق عام 2007 مازالوا يعيشون في الريف، حسب تقدير الجهاز المركزي للإحصاء، ويعتمدون بشكل مباشر أو غير مباشر على الزراعة.
ومن اهم مظاهر التصحر في العراق هي ما يأتي:
1-العواصف الغبارية:
تشكل العواصف الغبارية إحدى ظواهر التصحر المهمة الناجمة عن عاملينِ رئيسين، أولهما تغير المناخ، الذي من جملةِ آثاره المباشرة قلة الأمطار، وتقلص المساحات الخضراء التي لها أثر كبير على البيئة، وعلى إنتاج المحاصيل الزراعية، فضلاً عن قسوةِ الجفاف وتوسعه، إلى جانبِ تغيرِ امتدادات الفصول الذي يعد من العواملِ المساهمة بخفضِ المحاصيل الزراعية إلى النصف، في حالِ عدم اعتماد محاصيل مطورة تحتاج إلى مياهٍ أقل، إلى جانبِ تحملها ارتفاع درجات الحرارة العالية. ويضاف إلى ما تقدم زيادة الأمراض الناجمة عن هذه التغيراتِ المناخية في المناطقِ التي تتعرض إلى انحسارِ الأمطار بشكلٍ يعكس تناسب معدلات هطولها طردياً مع طبيعةِ الآثار التي تخلفها. في حين يتجسد العامل الآخر بالنشاطِ البشري، ولاسِيَّمَا مناطق البلاد التي شهدت خلال السنوات الماضية نشاطاتٍ بشرية واسعة في ظلِ انعدام آثار النشاطات البشرية الإيجابية، فضلاً عن تعرضِها إلى حركةِ آليات وعمليات عسكرية واسعة بسببِ الحروب التي امتدت لسنواتٍ طويلة، ما أفضى إلى تفتيتِ سطح التربة وتحريكها بعنفٍ شديد، وبالتالي المساهمة بإثارةِ الغبار بفعلِ الوضع الجديد لمساحاتٍ جغرافية واسعة من البلادِ، التي كانت فيما مضى مغطاة بالأشجارِ والنباتات والشجيرات الصغيرة، فضلاً عن الأعشابِ.
تهب العواصف الرملية من حقول الرمال في المناطق الوسطى والجنوبية. وقد ازدادت خلال السنوات الأخيرة وأصبحت المشاكل أسوأ منذ فرض العقوبات الاقتصادية عام 1990. إن سوء إدارة التربة والمياه والعوامل المناخية القاسية غيرت بشكل واسع الأراضي الزراعية للسهل الرسوبي إلى تربة قاحلة وغدقة بالمياه مغطاة بالرمال الناتجة عن التعرية الهوائية والكثبان الرملية. حيث تراوح الحد الأعلى لكمية الغبار المتساقط عام 2006 بين 9 في الأنبار و168 (غم/م²/شهر) في البصرة وتراوح الحد الأدنى بين 1.2 في صلاح الدين و60 (غم/م²/شهر) في ميسان، يمكن القول أن أغلب العواصف الترابية مصدرها أرض العراق والمتمثلة في أراضي الهضاب الغربية والجزيرة والأراضي المتروكة في السهل الرسوبي أي أن 80% من مساحة العراق الواقعة جنوب خط العرض 35 درجة شمالاً تشكل مصدرا لغبار العواصف الترابية في حين أن قسما من الغبار مصدره بادية الشام وشبه الجزيرة العربية وشبه جزيرة سيناء .
شارت بعض الدراسات إلى أن الغبار في العراق يحتوي على 37 نوعاً من المعادن ذات التأثير الخطير على الصحة العامة , إضافة إلى 147 نوعاً مختلفاً من البكتيريا والفطريات التي تساعد على نشر الأمراض.
أن ارتفاع مستوى التلوث الإشعاعي في مناطق شاسعة من بغداد ومناطق جنوب العراق كان واضحا , حيث بلغ عشرة أضعاف المستوى الطبيعي. وأن الدقائق المشعة التي يحملها الغبار والهواء من النوع الدقيق الذي يسهل استنشاقه وترسبه وبقاؤه في حويصلات الرئة .
اشتدت آثار التلوث في العراق خصوصا بعد حربي الخليج الأولى (1980-1988) والثانية 1991 , حيث سقطت آلاف الأطنان من القنابل التي يحتوي بعضها على اليورانيوم المنضب , وكذلك تجفيف الأهوار وتحويلها إلى أراضٍ غير صالحة للزراعة وقطع الأشجار وتدمير الغابات في وسط وجنوب البلاد.
أصبحت العواصفُ الغبارية من الظواهرِ المناخية المألوفة في العراق، ولاسِيَّمَا في السنواتِ الأخيرة، التي شهدت زيادة في حدوثِها بفعلِ عوامل طبيعية وأخرى بشرية، حيث أصبح هبوب العواصف الترابية من جهةِ الجنوب والجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية في مختلفِ المواسم بحكمِ الأمر الواقع، الأمر الذي ألقى بظلالِه على مكوناتِ البيئة في البلادِ مخلفاً آثاراً سلبية على جميعِ مستويات النشاط البشري، فضلاً عن التسببِ بأضرارٍ صحية مثل حدوث حالات اختناق لكثيرٍ من المواطنين، وبخاصة المصابين بأمراضِ الحساسية المزمنة ومرضى الصدر والربو، الذين لا ملاذ لهم حين يتصاعد الغبار سوى المشافي والمستوصفات وعيادات الأطباء. ومثلما للعواصفِ الغبارية والترابية أضراراً بالغة بالقطاعِ الزراعي، ولاسِيَّمَا اتلاف المزروعات في طورِ الأزهار، وما يحدثه تساقط الغبار من مشكلاتٍ للتربةِ الزراعية الخصبة، بالإضافةِ إلى إعاقةِ كثير من الصناعات، نتيجة فعل الغبار بأجهزةِ المصانع ومعداتها التي قد تتعرض إلى التلف، فإنَّ للعواصفَ الغبارية والترابية آثاراً اجتماعية تمثلت بإعاقةِ حركة المواصلات البرية والبحرية والجوية جراء انخفاض مدى الرؤيا، الذي توضحت خطورته بالحوادثِ المرورية الكبيرة والمميتة التي خلفها حجب الرؤيا في الطرقِ الخارجية، فضلاً عن شوارعِ المدن المتأتي من كثافة دقائق الغبار والاتربة التي تحملها الرياح.

2-الكثبان الرملیة:
تعد الكثبان الرملية مظهراً من مظاهر التصحر لما تسببه من اضرار جسيمه تهدد مساحات واسعة من الاراضي الزراعية واراضي المراعي الطبيعية وتحويلها من اراضي منتجة الى اراضي يقل او ينعدم فيها الانتاج تماما , فضلا عن تأثيرها في بعض مشاريع الري والبزل وطرق النقل البري. وهي ظاهرة طبيعية شائعة في المناطق الجافة وشبه الجافة تتكون نتيجة لتراكم ما تلقيه الرياح من حمولة بعد انخفاض سرعتها وتتخذ إشكال وإحجام متعددة معتمدة بذلك على عدة عوامل منها سرعة الرياح واتجاه مصدر الحبيبات المحمولة الطبيعية ، نتيجة تدهور الأراضي من خلال تفاقم التملح وتغدق التربة وتدهور الغطاء النباتي الطبيعي أدى ذلك إلى ظهور الكثبان الرملية وبصورة خاصة الأجزاء الوسطى والجنوبية وكون سهل الرافدين هو إقليم جاف وشبة جاف حيث يغلب عليه مناخ شبه حوض البحر المتوسط بنوعيته الجافة والمتردي فهو يتراوح بين القاحل وشبه القاحل من الشمال نحو الجنوب والجنوب الغربي، تقدر المساحة الفعلية للكثبان الرملية حوالي 4 مليون دونم تتركز في المنطقتين الوسطى والجنوبية التي ازدادت وأصبحت مألوفة في الآونة الأخيرة. تتحرك الكثبان من مكانها عادة تحت تأثير شدة الرياح واتجاهها مهددة القرى والمدن والطرق والمزروعات وتعتبر هذه المشكلة احد أهم مظاهر التصحر وخاصة في المناطق الجافة والصحراوية. والكثبان الرملية في العراق هي من النوع القارية، أذ تتشكل نتيجة الانجراف ألريحي للصخور الرملية والترب الحقلية في المناطق التي يسود فيها المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي وتتميز رمال الكثبان القارية بمحتوى أعلى من المكونات الناعمة (السلت والطين ) مقارنه مع رمال الكثبان الشاطئية مما يجعلها أكثر خصوبة وقدرة على حفظ الماء ويسمح بنمو غطاء نباتي لأنواع متحملة للجفاف.
تعاني الاراضي الزراعية خاصة في منطقة الفرات الاوسط واعالي الفرات من تعرضها للكثبان الرملية حيث تقدر مساحة الكثبان الرملية في العراق بأكثر من 6 ملايين دونم، تتوزع على جهات العراق المختلفة والممتدة من جنوب البصرة وحتى النجف بمساحة تقدر بـ (1684000 دونم). وهناك نطاق ثاني يمتد من شمال غرب كربلاء وحتى الانبار والذي تقدر مساحته بـ (38000 دونم). أما بالنسبة للنطاق الثالث من الكثبان الرملية فيقع شرق نهر دجلة ضمن منطقة علي الغربي في محافظة ميسان، يلاحظ خريطة (1) .
وبالنسبة لتوزيع الكثبان الرملية على مستوى المحافظات توجد في بابل كثبان محاذية للمصب العام. وفي صلاح الدين شمال وجنوب بيجي ، تكريت- كركوك. وفي القادسية توجد كثبان صغيرة متحركة حسب سرعة الرياح وفي منطقة البدير- نفر- عفك، وفي ديالى كثبان عالية نسبيا وفي المقدادية تكون على شكل طولي أو هلالي أو مروحي، وفي الأنبار تنجرف التربة بالرياح لقلة الغطاء النباتي والجفاف وتكون الكثبان الرملية في عموم الصحراء الغربية تتحرك وتؤثر على الطريق السريع إلى الأردن وسوريا، وفي ذي قار توجد رمال متحركة في المنطقة المحصورة بين المصب العام وحدود الديوانية وناحية البدير. وفي البصرة تكون البادية الجنوبية أراضٍ رملية يتم فيها حفر الآبار. وفي واسط توجد الرمال في النعمانية بمساحة 91 كم² والموفقية- شيخ 13 كم². وفي نينوى الشركة 4 كم، البريت 3 كم والناصرية ، حيث تزحف الكثبان إلى هذه المناطق وتصل الشارع المؤدي إلى قضاء الحضر والمطار بطول 45 كم. وفي كربلاء تقع الكثبان ضمن خط عرض 32 درجة من الجهة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية. وفي المثنى تبلغ مساحة الكثبان 65000 دونم في ناحية الوركاء، و25000 دونم في ناحية النجمي و12000 دونم في ناحية بصية وهناك كثبان ثابتة بمساحة 1000 دونم في ناحية الهلال، يلاحظ خريطة توضح توزيع ومناطق تواجد الكثبان، هذه الكثبان تعمـل نتيجة زحفهـا التأثير بشـل مباشـر علـى المشاريع الاستراتيجية التـي تعمـل على زيادة كلف الادامة والصيانة وتقلل من كفاءة تشغيلها اضافة الـى مـا تسـببه مـن عواصـف رملیـة تـؤثر على البيئة وبالتالي على صحة الانسـان.
خريطة (1) التوزيع المكاني لمناطق انتشار الكثبان الرملية في العراق.
