البيئة المستدامة

تتناول العقائد الإسلامية مواضيع البيئة والطبيعة كهبة إلهية، وعن حاجة البشرية لحمايتها. ويعتبر الأشخاص الذين يحبون ويحترمون بيئتهم قادرين على محبة واحترام بعضهم. وبدون بيئة محمية لن يكون الناس أصحاء. إذ أصبحت البيئة أمراً مهماً خلال القرن الماضي. فقد هدد التصنيع واستخراج المعادن الحياة البرية، الزراعة، الأرض والمياه. كما أدى التمدن إلى جعل الناس منفصلين عن عالم الطبيعة وأهميته.

فالبيئة بالنسبة للإنسان هي "الإطار الذي يعيش فيه والذي يحتوي على التربة والماء والهواء وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة من مكونات، وكائنات تنبض بالحياة. وما يسود هذا الإطار من مظاهر شتى من طقس ومناخ ورياح وأمطار وجاذبية ومغناطيسية وغيرها من العلاقات المتبادلة بين هذه العناصر.

ويعتبر الإنسان أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال بالنظام الطبيعي البايولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام إزداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء. وهكذا قطع الإنسان أشجار الغابات وحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، وأفرط في إستهلاك المراعي بالرعي المكثف، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الزراعية بمختلف أنواعها، وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ينعكس أثرها في نهاية المطاف على حياة الإنسان. فعلى سبيل المثال تعد الغابات أنظمة بيئية شديدة الصلة بالإنسان، وتشمل الغابات حوالي 28% من القارات ولذلك فإن تدهورها أو إزالتها يحدث انعكاسات خطيرة في النظام البيئي وخصوصاً في التوازن المطلوب بين نسبتي الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون في الهواء، كما أن الاستخدام السيئ للمراعي يؤدي إلى تدهور النبات الطبيعي، الذي يرافقه تدهور في التربة والمناخ، فإذا تتابع التدهور تعرت التربة وأصبحت عرضة للانجراف.

أما فيما يخص النظم الزراعية والزراعة غير المتوازنة فقد قام الإنسان بتحويل الغابات الطبيعية إلى أراض زراعية فاستعاض بذلك عن النظم البيئية الطبيعية بأجهزة اصطناعية، واستعاض عن السلاسل الغذائية وعن العلاقات المتبادلة بين الكائنات والمواد المميزة للنظم البيئية بنمط آخر من العلاقات بين المحصول المزروع والبيئة المحيطة به، فاستخدم الأسمدة والمبيدات الحشرية للوصول إلى هذا الهدف، ومن الأخطاء الكبيرة التي إرتكبها الإنسان في تفهمه لاستثمار الأرض زراعياً هو إعتقاده بأنه يستطيع إستبدال العلاقات الطبيعية المعقدة الموجودة بين العوامل البيئية والنباتات بعوامل إصطناعية مبسطة، فعارض بذلك القوانين المنظمة للطبيعة وأخل بتوازن النظم البيئية، وهذا ما جعل الأنظمة الزراعية مرهقة وسريعة العطب. يضاف إلى ذلك عمليات الصيد غير المنتظم وتدهور الغطاء النباتي الأمر الذي يؤدي إلى تعرض عدد كبير من النباتات والحيوانات البرية إلى الإنقراض وهذا ما يساهم في زيادة إضطراب التوازن البيئي.

الإنسان في مواجهة التحديات البيئية:

الإنسان أحد الكائنات الحية التي تعيش على الأرض، وهو يحتاج إلى الأوكسجين لتنفسه والقيام بعملياته الحيوية، وكما يحتاج إلى مورد مستمر من الطاقة التي يستخلصها من غذائه العضوي الذي لا يستطيع الحصول عليه إلا من كائنات حية أخرى نباتية وحيوانية، ويحتاج أيضاً إلى الماء الصالح للشرب لجزء هام يمكنه من الاستمرار في الحياة.

وتعتمد استمرارية حياته بصورة واضحة على إيجاد حلول عاجلة للعديد من المشكلات البيئية الرئيسية التي من أبرزها مشكلات ثلاث يمكن تلخيصها فيما يلي:-

أ‌. كيفية الوصول إلى مصادر كافية للغذاء لتوفير الطاقة لأعداده المتزايدة.

ب‌.كيفية التخلص من حجم فضلاته المتزايدة وتحسين الوسائل التي يجب التوصل إليها للتخلص من نفاياته المتعددة، وخاصة النفايات غير القابلة للتحلل.

ت‌. كيفية التوصل إلى المعدل المناسب للنمو السكاني، حتى يكون هناك توازن بين عدد السكان والوسط البيئي.

ومن الثابت أن مصير الإنسان، مرتبط بالتوازنات البايولوجية وبالسلاسل الغذائية التي تحتويها النظم البيئية، وأن أي إخلال بهذه التوازانات والسلاسل ينعكس مباشرة على حياة الإنسان ولهذا فإن نفع الإنسان يكمن في المحافظة على سلامة النظم البيئية التي تؤمن له حياة أفضل.