أ.د.سرحان نعيم الخفاجي
العراق - جامعة المنثى
يتعرض العراق الى عواصف غبارية شديدة وتحديداً في اشهر الصيف الحارة الجافة نتيجة اشتداد الرياح، وتمثل الصحاري الحارة المحيطة بالعراق مصدر رئيسياً من مصادر العواصف الغبارية الرئيسية والمتمثلة بصحراء شبه الجزيرة العربية التي تضم الربع الخالي وصحراء النفوذ وهضبة نجد وصحراء الدهناء بالإضافة الى بادية الشام والصحراء الافريقية الكبرى وصحراء ايران، وهناك مصادر داخلية متمثلة بالهضبة الغربية التي تمثل امتداد لشبه الجزيرة العربية وتمتد في الجهات الغربية من العراق مشكلة ما نسبته 60% من مساحة العراق. وكذلك المناطق المتصحرة في السهل الرسوبي.

والعواصف التي تؤثر على العراق تتكون نتيجة عدة عوامل أهمها:
1. سرعة الرياح السطحية.
2. طبيعة سطح الارض المستوي سيما الهضبة الصحراوية و حجم الذرات ومدى تماسكها.
3. أستقرار أو عدم استقرار الجو في الطبقة القريبة من سطح الارض مما يؤثر على الحركة المزاجية.
4. قلة الغطا النباتي سيما الجهات الغربية من العراق.
5. تعمق ونشاط المنخفضات الجوية خاصة في فصلي الشتاء والربيع والرياح الشديدة.
6. الرعي الجائر وتفتيت سطح التربة.
وقد زادت وتيرة حدوث العواصف الغبارية في العراق بشكل كبير في السنوات الاخيرة وما زالت في تزايد مستمر، لاسِيَّمَا في السنواتِ الأخيرة، التي شهدت زيادة في حدوثِها بفعلِ عوامل طبيعية وأخرى بشرية، أذ أصبح هبوب العواصف الترابية من جهةِ الجنوب والجنوب الغربي لشبه الجزيرة العربية في مختلفِ المواسم بحكمِ الأمر الواقع، الأمر الذي ألقى بظلالِه على مكوناتِ البيئة في العراق مخلفة آثاراً سلبية على جميعِ مستويات النشاط البشري، فضلاً عن التسببِ بأضرارٍ صحية مثل حدوث حالات اختناق لكثيرٍ من المواطنين، وبخاصة المصابين بأمراضِ الحساسية المزمنة ومرضى الصدر والربو. تشكل العواصف الغبارية إحدى ظواهر التصحر المهمة في العراق الناجمة عن عاملينِ رئيسين، أولهما تغير المناخ، الذي من جملةِ آثاره المباشرة قلة الأمطار، وتقلص المساحات الخضراء التي لها أثر كبير على البيئة، وعلى إنتاج المحاصيل الزراعية، فضلاً عن قسوةِ الجفاف وتوسعه، إلى جانبِ تغيرِ امتدادات الفصول الذي يعد من العواملِ المساهمة بخفضِ المحاصيل الزراعية إلى النصف.

ويتفاوت تكرار العواصف الغبارية خلال أشهر السنة على العراق أيضاً بسبب استواء السطح وانعدام الغطاء النباتي، فهي تزداد خلال أشهر فصل الربيع (أذار ونيسان ومايس) ، ويرجع ذلك لزيادة تكرار المنخفضات الجوية والجبهات الباردة، وتبلغ أقصى زيادة لها في فصل الصيف وذلك بسبب انعدام الامطار وارتفاع درجة الحرارة وزيادة التسخين فضلاً عن زيادة سرعة الرياح الشمالية والشمالية الغربية، وينخفض تكرار العواصف الغبارية مع حلول فصل الخريف وفصل الشتاء بسبب انخفاض درجة الحرارة وتساقط الامطار شتاء وانخفاض سرعة الرياح.

وهناك اربعة انواع من العواصف الغبارية التي يتعرض لها العراق وهي:
أ. العواصف الغبارية الصيفية: هذه العواصف تهب في الفترة الممتدة من حزيران الى تشرين الاول، و تحدث نتيجة انعدام سقوط الامطار وقلة الغطاء النباتي فضلاً عن وقوع التيار النفاذ خلال شهري تموز واب بين دائرتي عرض (36-40)ْ شمالاً، ولذلك تزداد سرعة الرياح السطحية التي تهب من الشمال الغربي مسببة عواصف غبارية.
ب. العواصف الغبارية الشتوية: وهي مصاحبة للمنخفضات الجوية القادمة من البحر المتوسط، ونظراً لوجود الامطار في هذا الفصل فأن تكرارها يكون قليل وقصير المدى.
ت. العواصف الغبارية الربيعية: وهذه العواصف اكثرها عدداً وشدة وتكراراً، وهي تكون مصاحبة للمنخفضات الجوية فوق السطوح الصحراوية الساخنة بالقرب من الساحل الافريقي تتحرك نحو الشرق فتصل الى العراق بصورة عامة.

ومن الأسباب المهمة لتكرار العواصف الغبارية في العراق هو منخفض الهند الموسمي الذي يصل تأثيره الى العراق ابتداء من شهر نيسان وحتى شهر تموز، حيث يأتي بالعواصف الغبارية من صحراء الجزيرة العربية مروراً بالهضبة الغربية أو من الهند الى إيران ثم العراق.
إن التغيرات المناخية عامل أساسي في زيادة موجات الغبار، وبحسب الإحصائيات المسجلة من قبل الهيئة العامة للأنواء الجوية، ارتفع عدد الأيام المغبرة من 243 يوما إلى 272 يوما في السنة لفترة عقدين من الزمن، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050، وان حوالي 70% من الأراضي الزراعية في العراق متدهورة أو مهددة بالتدهور، نتيجة التغيرات المناخية، وبالتالي فقدان الغطاء النباتي الذي يعتبر العامل الرئيس لتثبيت التربة.
